فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: صنف وزير حرب الاحتلال بيني غانتس، 6 مؤسسات مدنية وحقوقية فلسطينية كـ "منظمات إرهابية"، زاعمًا ارتباطها بـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وأنها حصلت بين عامي 2014 و2021 على أكثر من "200 مليون يورو" من عدّة دول أوروبية، وذلك وفق قائمة نشرتها وزارة قضاء الاحتلال، أمس الجمعة 22 أكتوبر 2021.
في حديثه لـ "شبكة قدس"، يؤكد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، أن قرار الاحتلال ليس جديدًا بحق المؤسسات الفلسطينية، مشيرًا إلى نهج "إسرائيل" في وصم المؤسسات بالإرهاب لافقادها مصداقيتها، وإضعافها في ساحة العمل الدولية، ما يضمن تفوّق الرواية الإسرائيلية وحضورها في المجتمع الدولي.
عقاب على حضورها الدولي
ويرى عبده أن خطورة القرار تكمن في أنه استهدف ما كان يعتقد أنها "مؤسسات بمنأى وبحصانة عن أي تصنيفات إسرائيلية بحقها"، انطلاقا من بعض الاعتبارات في كونها مؤسسات ترتبط بشراكات واسعة مع المؤسسات الدولية إضافة لارتباطها بامتدادات وعلاقات قوية مع منظمات رسمية ودول أوروبية كان يُتوقع منها تعزيز أو توفير نوع من الحصانة لتلك المؤسسات.
ويضيف عبده أن "خطوة الاحتلال كانت أيضاً مستبعدة من البعض نظرًا للحرص الشديد الذي تبديه تلك المؤسسات من حيث الالتزام بالخطاب الحقوقي المتحفظ - إن جازت التسمية-، والذي كان يتوقع أنه سيضيق هامش الاستهداف من قبل الاحتلال الإسرائيلي"، مضيفًا أن قرار الاحتلال يؤسس لمساحة جديدة من الاستهداف الشامل لجميع الهيئات والمؤسسات بما فيها المجتمع المدني.
وينوّه رئيس المرصد الأورومتوسطي إلى أن الاتهامات المضمنة في قرار الاحتلال غير صحيحة ومضللة وتكشف عن سعي الاحتلال لاستهداف وتقويض أي عمل يفضح جرائمه، ويساعد الشعب الفلسطيني ويعزز صمود.
من جانبه، يقول المختص في الشأن القانوني ماجد عاروري إن تصنيف الاحتلال 6 مؤسسات مدنية كـ"منظمات إرهابية" يعدّ جزءًا من حملة تستهدف مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية على ضوء الدور الذي لعبته المؤسسات الحقوقية بوضع القضية الفلسطينية ضمن أولوية حقوقية وقانونية وسياسية على مستوى المجتمع الدولي.
ويضيف عاروري في حديثه لـ "شبكة قدس": "بشكل خاص، لعبت مؤسسة الحق الفلسطينية دورًا هامًا فيما يتعلق بالملفات المطروحة أمام محكمة الجنايات الدولية، والمتعلقة بالانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، والجرائم التي ارتكبت على مستوى قطاع غزة، ما استدعى الاحتلال إلى نوع من الملاحقة والتأديب لهذه المؤسسات على دورها".
ويتابع: الاحتلال يسعى إلى توجيه رسالة إلى كل مؤسسات المجتمع المدني بأن أي دور ممكن أن يشكل نوعا من التضييق على الاحتلال، يمكن أن يجابه بالملاحقة.
تجفيف الموارد المالية
"أعتقد أن الهدف الأساسي من وضع هذه المؤسسات على قائمة الإرهاب هو تجفيف مواردها المالية، لأن البنوك والجهات الرسمية سوف تتوجس من مسألة نقل الأموال، خشية من أن تتعرض لملاحقات قانونية قضائية دولية لأنها تساعد وتنقل المال لهذه المؤسسات"، يوضح الخبير القانوني.
ويشدد عاروري على وقوع مسؤولية كبيرة على عاتق السلطة الفلسطينية، تتمثل بإصدار سلطة النقد توجيهًا إلى البنوك برفض القرار الإسرائيلي، وأن تحترم البنوك هذا التوجيه، و"لا توقف أو تجمد أو تضيق على حسابات هذه المؤسسات، وسط سعي الاحتلال إلى التضييق المالي عليها، وتحريض مانحيها الدوليين".
ويردف قائلاً: "على الحكومة الفلسطينية إصدار قرار مناهضٍ للقرار الإسرائيلي، يؤكد على مشروعية عمل هذه المؤسسات باعتبارها مؤسسات مجتمع مدني"، مشيرًا إلى أن قدرة الاحتلال على اتخاذ هذه القرارات تعني أن لا سلطة للسلطة الفلسطينية على هذه المؤسسات.
في السياق، يشير أستاذ الديموقراطية وحقوق الإنسان سامر جبر إلى أن الاتحاد الأوروبي يلزم أي جهة ترغب بالشراكة معه على إدانة الإرهاب، ومنه أحزاب فلسطينية كالجبهتين الشعبية والديموقراطية.
تاريخيًا.. المؤسسات في دائرة الاستهداف
بحسب جبر، فإن الاحتلال ومنذ سنوات طويلة لاحق وهاجم المؤسسات الفلسطينية القريبة من المقاومة إما من ناحية أيديولوجية أو قريبة من الخط السياسي سواء كانت إسلامية أو يسارية أو قومية.
ويقول جبر في حديثه لـ "شبكة قدس": في عام 2007، كانت "الهجمة الكبيرة على المؤسسات القريبة من التيارات الإسلامية، ومنها المتعلق بالزكاة ورعاية الأيتام، وجاء في إطار الرد على خطوة حماس في السيطرة على قطاع غزة، وبالتنسيق بين سلطات الاحتلال والسلطة الفلسطينية، ومن سكت عام 2007 دفع اليوم الثمن، ومن سيصمت اليوم سيدفع الثمن مستقبلاً".
ويتساءل أستاذ الديموقراطية وحقوق الإنسان، في حديثه لـ "شبكة قدس": "بعيدًا عن المواقف الاستعراضية، هل إذا ما فتحت هذه المؤسسات مكاتبها بالرغم من قرار الاحتلال، كيف يمكن تقديم نوع من الحماية لهذه المؤسسات على اعتبار أن المناطق المصنفة أ تتبع إداريًا للسلطة الفلسطينية على الصعيدين الأمني والإداري؟".